اليوم العالمي للمرأة: فريق نسوي صحراوي يتحدى المخاطر ويساهم في تطهير حقول الموت من الألغام
حاملة راية بلادها وكلها فخر واعتزاز بانتمائها للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، تواصل المرأة الصحراوية صمودها ونضالها التحرري ومساهمتها المتميزة في الكفاح المشروع لشعبها، ولم تكتف بالتعبير عن رفضها للاحتلال ومجابهتها للآلة العسكرية المغربية، بل خاضت صورا أخرى من الاستماتة جعلت منها رمزا من رموز قوة المرأة في مناطق الصراع.
ويحل عيد المرأة الموافق للثامن من مارس والمرأة الصحراوية ، تحمل سجلا كبيرا من التضحيات في مواجهة ممارسات المحتل المغربي الذي يصعد من استهدافه للنساء الصحراويات في الأراضي المحتلة، يوميا، ويتهدد حياتهم باستمرار.
فقد كانت المرأة الصحراوية على مر الزمن، ركيزة صمود وكفاح شعبها، حيث خاضت شتى أنواع النضال ووقفت جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، في جميع المجالات.
ومن المجالات التي تنشط فيها المرأة الصحراوية مجال نزع الالغام – الذي غالبا ما يكون حكرا على الرجل في العديد من البلدان التي شهدت نزاعات مسلحة وحروب – حيث لم تكترث للخطورة التي يشكلها على حياتها، بل اندفعت وكلها عزيمة على تطهير كل شبر من أرض وطنها من هذا الخطر.
وفي هذا الإطار أبرزت السيدة فاطمتو بشرايا، منسقة “الفريق النسائي الصحراوي لدعم الأعمال المتعلقة بالألغام” والمعروف اختصارا ب(سماوت) في تصريح ل /واج، الدور الرائد الذي تقوم به المرأة الصحراوية في هذا المضمار وتحديها للصعاب لتقوم بعمل ميداني كان حكرا على الرجال إلى وقت قريب.
وأكدت على أن “المرأة الصحراوية أثبت وجودها في مجالات عدة وتقلدت جميع المناصب، وها هي اليوم تثبت وجودها ودورها البارز في جهود نزع الالغام”.
وأعربت فاطمتو، عن فخرها لعملها في هذا المجال رغم أنه من أصعب وأخطر الأعمال التي يواجه فيها الانسان خطرا على حياته، وقالت: “بصفتي مزيلة سابقة لهذه القنابل المدمرة افتخر باشتغالي في هذا المجال لتطهير، رفقة نساء صحراويات أخريات، جزء من الأراضي الصحراوية”.
وعبرت المتحدثة عن “الاحساس العظيم” الذي يتملكها وزميلاتها في هذه المهمة الحساسة، لدى تطهير ولو شبر واحد من الأرض الصحراوية من هذه القنابل المميتة، على اعتبار أن ذلك يشكل “انقاذا للأرواح”.
وبالمناسبة، حيت المسؤولة الصحراوية “الصمود والشجاعة التي تتحلى بها النساء الصحراويات العاملات في هذا العمل الانساني، رغم الطبيعة الخطرة لهذا النشاط والظروف المناخية الصعبة التي يجرى فيها”.
وعن “الفريق الصحراوي لدعم الأعمال المتعلقة بالألغام”، أوضحت فاطمتو بشرايا، أنه تأسس من قبل مزيلات سابقات كن ينشطن في ميادين متعلقة بالألغام وتحسيس الشعب الصحراوي بخطرها وبطريقة السلوك المثالي أمام الخطر إلى جانب مساعدة الضحايا، مشيرة الى أنه بعد عودة الكفاح المسلح حاولت المجموعة النسوية “التركيز على التحسيس بمخاطر الالغام” .
وفيما يخص اتفاقية حظر الألغام وعدم تصنيعها وتخزينها وزرعها، حيت فاطمتو بشرايا، موقف جبهة البوليساريو التي “كانت سباقة في التوقيع على هذه الاتفاقيات وتدمير مخزونها”، مضيفة في السياق “نحن نطالب المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات والنشطاء بالضغط على المغرب من أجل التوقيع عليها وتسهيل عمل المنظمات الدولية لنزع هذه القنابل الخطيرة وتطهير الأراضي الصحراوية منها”.
== أرقام مخيفة تظهر إصرار الاحتلال على إبادة الشعب الصحراوي ==
ولا يزال الصحراويون العزل يعانون من ويلات استهتار المحتل بأرواحهم، حيث تواصل الالغام التي يزرعها والأجسام المتفجرة، في حصد مزيد من الأرواح سنويا وتتسبب في إعاقات مستدامة لعدد كبير من المدنيين، في وقت يصر فيه المغرب على رفض التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام هذه الأسلحة الفتاكة، ويأبى التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية التي تسعى إلى تطهير المنطقة منها.
وكان مسؤول العمليات في المكتب الصحراوي لتنسيق الأعمال المتعلقة بالألغام “سماكو”، غيثي النح البشير، أكد في حديث ل /واج مؤخرا، على أن المغرب نسف 14 عاما من العمل الإنساني الذي ساهمت فيه البوليساريو بقوة، من أجل تطهير المنطقة من الألغام، وأعاد تلويث مناطق واسعة بهذه القنابل المدمرة، خاصة منذ خرقه السافر لوقف إطلاق النار وتجدد الحرب.
وقدم المسؤول الصحراوي ارقاما مخيفة تظهر إصرار الاحتلال على إبادة الشعب بكل الطرق الإجرامية الممكنة وحجم التلويث الذي تسبب فيه بالأراضي الصحراوية.
ولفت في هذا الصدد، إلى أنه قبل العودة إلى الحرب، كان قد تم “تطهير أكثر من 14 ألف كيلومتر من الطرق و 37 حقلا للألغام و485 منطقة ملوثة بالقنابل العنقودية وتدمير أكثر 24 ألف قنبلة عنقودية وحوالي 9 آلاف من الاجسام غير المفجرة من قنابل ومقذوفات ومخلفات الحرب السابقة وحوالي ثمانية آلاف لغم مضاد للإفراد والدبابات، عطلت فعاليته”.
ووفق تقديرات صحراوية قد زرع الاحتلال المغربي أكثر من 7 ملايين لغم أرضي على عرض مئات الأمتار في محيط “جدار العار” الفاصل الذي أقامه خلال ثمانينيات القرن الماضي على امتداد 2720 كلم من أراضي الصحراء الغربية بهدف تقسيمها وتشتيت العائلات الصحراوية.
وتعد أراضي الصحراء الغربية، من البلدان العشرة الأكثر تلوثا بالأجسام المتفجرة في العالم حيث أن الشعب الصحراوي لا يعاني من خطر الألغام فحسب، بل من خطر الاجسام القابلة للانفجار كالصواريخ والقنابل غير المنفجرة التي خلفتها الحرب السابقة، وزادت أعدادها في الحرب الجارية بالمنطقة الآن على إثر إقدام الاحتلال على زرع المزيد منها، منذ خرقه السافر لاتفاق وقف اطلاق النار في 13 نوفمبر 2022.
وقد سبق لجبهة البوليساريو، أن نددت عبر الحملة الدولية لمناهضة جدار الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية ب”خطورة الجدار” باعتباره أكبر حقل ألغام متواصل في العالم.
وفي الوقت الذي أبدت فيه الجمهورية الصحراوية مسؤولية كبيرة والتزاما شديدا بتعهداتها المتعلقة بالتخلص من الألغام والذخائر غير المتفجرة، يصر المغرب على رفض التوقيع على “معاهدة أوتاوا” بشأن حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام والاتفاقية المتعلقة بالذخائر العنقودية.
المصدر وكالة الانباء الجزائرية