غارات الطائرات المسيرة المغربية على المدينين. جرائم مسكوت عنها.
على إثر الاعتداء الذي نفذته القوات المغربية في 13 نوفمبر 2020 ضد مجموعة المدنيين الصحراويين الذين كانوا يحتجون سلميا امام ثغرة الگرگرات ضد الاحتلال المغربي غير الشرعي والذي نجم عنه خرق لوقف إطلاق النار اندلعت بموجبه حرب لازالت تدور رحاها ختي اليوم.
وعلى إثر إدخال المغرب للطائرات المسيرة، رصد المكتب الصحراوي لتنسيق الاعمال المتعلقة بالألغام اهم مخلفات هذه الأسلحة على المدنيين وقد وجد من المعطيات ما يوضح ان المغرب قام باتساع ساحة القتال – لمصالح سياسية محضة – لتغطي مناطق حدودية لثلاثة دول وتهديد وقتل مواطنيهم، وقد أهدر بذلك وعن قصد مبادئ التمييز والتناسب لاستهانة بعدم التفريق بين الأهداف العسكرية بإصابة وقتل المدنيين، بدون عقاب ولا تنديد من المجتمع الدولي وخاصة من مجلس الأمن عبر بعثته المتواجدة في الصحراء الغربية. ، كل ذلك يدفع الجيش المغربي إلى المزيد من القتل وارتفاع مستوى الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب في الصحراء الغربية. وذلك يظهر جليا في نوعية الأهداف والمجموعات المستهدفة وأماكن تواجدها.
وحسب تحريات المكتب الصحراوي لتنسيق الاعمال المتعلقة بالألغام SMACO فقد قام الجيش المغربي بشن أكثر من 27 هجوم استهدف حوالي 49 مدنيا بين قتيل وجريح من مختلف الجنسيات في مجموعات كانت على التوالي إما مسافرين أو منقبين عن الذهب أو تجار او رحل أو منميين.
أما من حيث مجموع الغارات التي تم رصدها على المدنيين، 7% من المجموع حصلت في الاشهر الأخيرة من سنة 2020، أي بعد أسابيع فقط من بداية الحربـ، في حين ان 77% من الاقصاف تمت خلال سنة 2021، و فيما يخص السنة الجارية 2022، فقد قد بلغ عدد الهجمات بالطائرات المسيرة في الأشهر الاولي من هذه السنة حوالي 14% من مجموع الهجمات.
وقد توزعت هذه الغارات الجوية بواسطة طائرات مسيرة مغربية حيث استهدفت مناطق جغرافية مختلفة، فقد تم بالتساوي قصف 50% من الأهداف المدنية في الشمال مقابل نفس العدد في الجنوب. وهكذا فإن 67.85% من هجمات هذه الطائرات تم في المناطق الحدودية الصحراوية الموريتانية وذلك لأغراض سياسية، اقتصادية واجتماعية تهدف الي قطع التواصل بين العائلات والافراد وإعاقة التبادل التجاري ومحاولة وضع عراقيل وشكوك في إمكانية القيام بالتبادل التجاري الحر بين دول المنطقة، وزرع الرعب واليأس في مستخدمي تلك المناطق، مقابل ذلك فقط حوالي 32.15% في عمق الأراضي الصحراوية بكلومترات فقط، ودائما لنفس الغرض باستهداف مدنيين عزل..
بالنسبة للضحايا القتلى، أكثر من 60% صحراويون، 14,5% موريتانيون، 8,5 %جزائريون مقابل 17 من جنسيات لم يتحقق منها بعد. (بعض الحالات في حالة تحلل وأخرى قد تفحمت، حسب مصادر رسمية)
وبخصوص الجرحى، 78,5% هم من جنسية صحراوية، اما فيما يخص الجرحى من الأشقاء الموريتانيين فقد كانت بنسبة 21,42%، في حين أن النسبة المتبقية هي من جنسيات لم نتمكن من تحديدها بعد.
وتبقي النشاطات الأكثر عرضة للخطر في الأراضي الصحراوية هي على التوالي، 53% من الهجمات استهدفت مسافرين، و38% شنت ضد منقبين عن الذهب و9% كانت بدورها تستهدف نشاطات مختلفة أخرى (تنمية، البحث عن المياه…الخ).
اما الخسائر المادية، وبالرغم أنه الى حد الساعة لم يقام بإحصائيات نهائـية، ولكن يمكن القول ان الطائرات المسيرة المغربية استهدفت مرافق وبني تحتية مدنية ومشاريع إنسانية وممتلكات شخصية كمدارس ومصادر للمياه ومرافق ومحلات تجارية خواص في مناطق متفرقة ومتباعدة.
في هذا الصدد تم تدمير شاحنة صهريج كانت تنقل المياه للرحل في منطقة أمهيريز، كما تم تدمير أكثر من 18 سيارة رباعية الدفع لصحراويين اساسا وموريتانيين، إضافة الى تدمير 5 شاحنات كبيرة لنقل السلع والبضائع 80% منها لتجار جزائريين.
اما فيما يخص توزيع الضحايا حسب الجنس، فإن 97.3 % هم من الذكور مقابل النسبة المئـوية المتبقية من الإناث. ومن حيث الفئات العمرية يمكن القول ان أكثر من 94% من الضحايا تقل أعمارهم عن 40 سنة، من بينهم طفل قتيل وأخر قد اصيب بجروح.
. واذا كانت الإدارة الامريكية تتحجج في بعض الأحيان من صعوبة تقصي الحقائق والتحقق من الأهداف، فإن كل الهجمات التي نفذها الجيش المغربي بالطائرات المسيرة ضد المدنيين كانت في أراضي مكشوفة ومن السهل جدا التحقق من طلاء السيارات وحتى ملابس الضحايا، لضمان تمييز الأهداف العسكرية والمدنيين بوضوح، ضف الى ذلك ان هذه الهجمات وقعت في مناطق نائية و تبعد بكثير من الكلومترات عن الجدار المغربي ولم تكن لحماية القوات المغربية المتخندقة فيه، مما يؤكد انها لا تمثل أي تهديد لهم، علاوة على ذلك كانت الأهداف المدنية المستهدفة بعيدة عن نشاط الجيش الصحراوي، مما كان سببا واضحا في تأخر إجلاء وإسعاف الضحايا في الوقت اللازم.
جدير بالذكر انه بعد اقل من شهرين لاستلام المغرب لأول دفعة من الطائرات التركية “Bayraktar TB2″ في يوم 17 سبتمبر 2021 قام المغرب بقتل على الأقل 19 ضحية من جنسيات صحراوية، جزائرية وموريتانية في شهر(واحد) نوفمبر من سنة 2021.
ولمعرفة حجم الدمار والجرائم التي يتعرض لها الشعب الصحراوي في صمت وأمام مرئ ومسمع المجتمع الدولي، وعلى سبيل المقارنة، فإن جريدة The guardian الصادرة يوم 1 يوليوز 2015 قالت ان إدارة الرئيس أوباما قتلت خلال فترة حكمه الذي استمر 8 سنوات 116 مدني… في حين ان المغرب من خلال ثمانية اقصاف في شهر نوفمبر من سنة 2021 قتل من خلالها 19 مدني من جنسيات صحراوية وجزائرية وموريتانية وهو ما يقارب 16% من مجموع ما قتلت إدارة أوباما خلال 8 سنوات. وهي حصيلة ثقيلة جدا مقارنة بتعداد وكثافة السكان، ضف الى ذلك ان هده الضربات كلها وقعت خارج مناطق الحرب.
وفي ظل سلوكيات وممارسات الجيش المغربي تجاه المدنيين يبرز تساؤل حول إمكانية اعتبارها جرائم ضد الإنسانية تهدد السلم والأمن الدوليين وتقوض جهود السلام، وفي ظل هذه الجرائم فهل هناك إمكانية المساءلة والمحاسبة القانونية عبر المحكمة الجنائية الدولية، ومحاكمتهم المسؤولين المغاربة كمجرمي حرب عن الجرائم التي ارتكبوها في حق المدنيين العزل من ثلاثة دول.